دليل ستالايت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  خطبة الحجاج بن يوسف الثقفى دراسة أدبية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أشرف على
مؤسس الدعم التطويرى

مؤسس الدعم التطويرى
أشرف على


 خطبة الحجاج بن يوسف الثقفى دراسة أدبية 417252771
ذكر
عدد المساهمات : 2842
تاريخ التسجيل : 23/10/2012

 خطبة الحجاج بن يوسف الثقفى دراسة أدبية Empty
مُساهمةموضوع: خطبة الحجاج بن يوسف الثقفى دراسة أدبية    خطبة الحجاج بن يوسف الثقفى دراسة أدبية Emptyالسبت نوفمبر 03, 2012 9:59 am

دراسة أدبية لخطبة:

الحجاج في الكوفة عندما ولاه عبد الملك العراق



"انَا ابنُ جَـلاَ وطَلاَّعُ الـثّنايَـا ...مـَتى أَضَعِ العِمـَامَةَ تَعْرِفُوْني


يا أهل الكوفة، إني لأرى رُؤُوساً قد أينعت وحاق قِطَافُها، وإني لصاحبها، وكأني أنظر إلى الدِّمَاء بين العمائم واللِّحَى.

إني والله يا أهل العراق ما يُقَعْقَعُ لي بالشِّنان، ولا يُغمَزُ جانبي كَتَغْمَازِ التِّين، ولقد فُرِرْتُ عن ذكاء، وفُتِّشْتُ عن تجربة، وإِنَّ أميرَ المؤمنين- أطال الله بَقَاءه - نثر كنانته بين يديه، فَعجَمَ عيدانَها، فوجدني أَمرَّهَا عُودًا وأَصْلَبَهَا مَكْسَراً، فرماكم بي؛ لأنكم طالما أوْضَعْتُم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضَّلال.

والله لأحْزِمَنَّكُمْ حزم السّلَمة، ولأضربنّكمِ ضربَ غرائب الإِبل، فإنكم لكأهل قريةٍ كانتْ آمنةً مُطْمَئِنةً يأتيها رزقُها رَغَداً من كلِّ مكانٍ فكفرتْ بأنْعُم الله فأذاقَها اللهُ لباسَ الجوع والخوفِ بما كانوا يصْنَعون، وإني والله ما أقولُ إلا وَفَّيتُ، ولا أَهُمُّ إلا أمضيَتُ، ولا أخْلقُ إلا فَرَيْت".

1- شـرح الخطبة:

(1) البيت لِسُحَيْم بن وَثيل الرياحىِ. ومعنى جلا: كشف الأمور. وطلاع الثنايا. أي جلد صبور.

ومعنى البيت: إنني عارف بالأمور صغيرها وكبيرها، ومستعد للصعاب جلد على معاناتها، وسوف تعرفون أي نوع من الرجال ذلك الأمير الملثم عندما يحسر اللثام وينكشف وجهه.

(2) الشنان: القربة الخلق والجلد اليابس.

المعنى: إنني يا أهل العراق لا أفزع من الضجيج ولا أثور لأول صيحة وإنما آخذ الأمور بالحكمة.

(3) فررت عن ذكاء: مأخوذ من فر أسنان الدابة ليعرف سنها.

المعنى: إن اختياري لإِمارة العراق لم يكن اعتباطاً وإنما هو ناتج عن اختبار دقيق.

(4) الكنانة: جعبة السهام. عجم عيدانها: اختبرها. أوضعتم. الإيضاع: نوع من السير.

المعنى: إن أمير المؤمنين عندما هم باختيار أمير للعراق جمع رجاله فاختبرهم فوجدني أشدهم مرارة وقسوة فأرسلني إليكم لتسابقكم إلى الفتنة.

(5) السلمة: شجرة. غرائب الإِبل هي التي ترد مع إبل قوم آخرين فيضربونها ويطردونها.

المعنى: إن لم تستقيموا يا أهل العراق فليس لكم عندي إلا الشدة والقسوة، أجمع أمركم كما تجمع أغصان السلمة وأضربكم كما تضرب الإِبل المبعدة عن الماء.

(6) ولا أخلق إلا فريت: لا أفكر في شيء إلا نفذته.

2- المناسـبة:

لما توفي والي العراق بشر بن مروان اختار عبد الملك بن مروان الحجاج ليكون والياً على العراق وأمره بالتوجه إلى مقر ولايته بسرعة تامة، فما كان من الحجاج إلا أن توجَّه للعراق في اثني عشر رجلاً من أصحابه، وعندما وصل الكوفة توجّه إلى المسجد. وكان الوقت أول النهار، فأسرع الناس إلى المسجد ظنّاً منهم أن الخوارج هم الداعون، وكل من دخل المسجد نظر إلى ذلك الرجل الملثم بعمامته والذي لم يظهر من وجهه إلا القليل، وبعد أن اجتمع الناس وطالب انتظارهم قام الحجاج وخطب في الناس هذه الخطبة ثم توجَّه بعد ذلك إلى دار الإِمارة.

3- صاحب الخطبة

هو الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي، داهية سفّاك دماء خطيب لا يبارى، نشأ في الطائف ثم التحق بجند عبد الملك بن مروان، وقد انكشفت مواهبه القيادية فولاه عبد الملك أمر عسكره، ثم وجهه إلى ابن الزبير في مكة فقضى عليه، وبعد وفاة بشر بن مروان ولاه عبد الملك العراق.

وأما فصاحة الحجاج وبلاغته فقد شهد بها القاصي والداني، وهو يعشق الألفاظ الغريبة والأساليب المتينة وينفر من الأساليب المبتذلة، وقد استمر في ولاية العراق إلى أن توفي سنة 95 هـ.

4- دراسة الأفكار:

أفكار الحجاج في هذه الخطبة هي أفكار أمير تحمل إدارة إقليم يزخر بالفرقة، وتكتنفه الأهواء؛ فثورة ابن الزبير لم تجف دماؤها، والخوارج على أبواب الكوفة، والشيعة يتذمرون من الأمويين والعصبية يقدح شررها بين تميم والأزد، فالعراق مرجل يغلي من جميع جوانبه، فلا غرابة أن نجد أفكار الحجاج تفيض بالوعيد والتهديد، فهي أفكار تحمل الحزم وتبدي الظلم، وقد صدق الحجاج في قوله فما أن نزل من المنبر حتى ضرب رقبة مخالف من المخالفين، ومن هنا أخذت أفكار الخطبة تسري بين الناس، وعم تأثيرها، وأخذ الناس قوله مأخذ الجد.

وأفكار الحجاج واضحة جلية، بعيدة عن الغموض والتأويل، وهدفها إرهاب المتطلع إلى الشقاق وردع البغي والظلم. ولا نطلب من الحجاج أن تكون أفكاره مرتبة، فالمحور الذي ترتكز عليه أفكاره هو التهديد، فهي خواطر تواردت على ذهنه، يجمعها تخويف أهل العراق وإرهابهم.

5- الأسـلوب:

الحجاج من أشهر الخطباء الذين تميزوا بأسلوب خاص في خطابتهم، فهو يختار الألفاظ الغريبة المجلجلة التي تملأ الفم وتترك رنة قوية في أذن المستمع، وهذه الألفاظ هي (جلا، طلاّع، قطافها، يقعقع، فعجم، واضطجعتم).

وأما التراكيب التي تنتظم فيها هذه الألفاظ فهي تراكيب قوية متينة حسنة النظام، وحسن نظام التراكيب نجده في مثل قوله: (إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها) وأما قوة التراكيب ومتانتها فتظهر في خلوها من الحشو، فالتركيب ممتلئ بالألفاظ الجيدة المنظمة، فقوله: (فرماكم بي؛ لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة) تركيبان لا نجد فيهما كلمة نابية عن مكانها أو غير مؤتلفة مع الكلمات الأخرى.

والحجاج عربي فصيح يخاطب عرباً فصحاء ولذلك فإنه لا يراعي ظهور المعنى وانكشافه بسرعة وإنما يورد بعض العبارات التي تحتاج إلى تأن في فهمها؛ فهو يعتمد على المجاز كما في قوله: (إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها) وقوله: (ولقد فررت عن ذكاء). وقد ساهم الخيال في صنع أسلوب خلاب يبرز أحياناً في صورة استعارة وأحياناً في صورة تشبيه.

والأسلوب هنا بعيد عن اللباقة وهو أسلوب واضح وملائم للحالة التي يعيشها العراق في ذلك الوقت، فالحجاج في منتهى الصراحة عندما قال (وحان قطافها) (وكأني أنظر إلى الدماء بين العمائم واللحى). (والله لأحزمنكم حزم السلمة) وبما أن المقام مقام حزم فقد استخدم الحجاج المؤكدات بكثرة كما في قوله: (إني لأرى رؤوساً) (وإني لصاحبها) (إني والله) (وإن أمير المؤمنين)، وقوله (قد أينعت) (ولقد فررت) وقوله: (والله لأحزمنكم حزم السلمة) فنلاحظ أنه استخدم (إن) و (قد) و (القسم).


ومن خلال تتبعنا لألفاظ هذا النص وتراكيبه وخياله نجد أن الخطيب قد صنع أسلوباً تتوافر فيه كل مقومات الأسلوب المتين القوي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خطبة الحجاج بن يوسف الثقفى دراسة أدبية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دليل ستالايت :: الإدارة والمشرفون :: الموضوعات الأدبية والثقافية للمنتديات-
انتقل الى: