دليل ستالايت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة السجين والأمل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أشرف على
مؤسس الدعم التطويرى

مؤسس الدعم التطويرى
أشرف على


قصة السجين والأمل  417252771
ذكر
عدد المساهمات : 2842
تاريخ التسجيل : 23/10/2012

قصة السجين والأمل  Empty
مُساهمةموضوع: قصة السجين والأمل    قصة السجين والأمل  Emptyالسبت نوفمبر 03, 2012 10:40 pm

حديقة بيتنا كانت خضراء مليئة بالمزروعات، زرع لنا كل شيء ولم يجعلنا نحتاج شيئًا من السوق ، لكن بعد اعتقاله تغيرت الصورة تمامًا ، فالأشجار عطشى لا تجد من يرويها ، تراها ذابلة حزينة ، لم نعد نحب الجلوس في الحديقة ، نُحس بفراغ كبير في البيت. ليته يعود إلينا قريبًا" .
وبنبرة تحمل الكثير من اللوعة المغموسة بالحزن على الفراق، لاتزال الوالدة "هيام الشريف" تستذكر تلك الليلة التي خطف فيها الاحتلال ابنها الوحيد "عماد"، ففي ليلة باردة من ليالي كانون الأول عام 2003 كانت آخر فصول حكاية المطاردة تطوى ، لتبدأ سطور حكاية جديدة خلف القضبان .
وُلد عماد الشريف في 24 آيار عام 1979 ، في مشفى القدس، لأسرة مقدسية سكنت منذ بداياتها في مدينة البيرة وتحديدًا شارع القدس ، لتكون لهذه الثلاثية المقدسية أثرًا كبيرا على سطور حياته القادمة .
كان طالبًا ذكيا مهذبًا ، كثير القراءة والاطلاع ، الأمر الذي وفّر له بيئة خصبة لتنمية عقليته التي يتحدث عنها معلم الرياضيات ، حيث طلب من طلابه ذات يوم حل إحدى المسائل الرياضية مقابل خمسة علامات، ولم يستطع حل المسألة سوى عماد ، وفي نهاية العام الدراسي لم يستطع المعلم إضافة العلامات الخمس لأن عماد كان يُحصل علامة عالية جدًا في شهادته .
أنهى عماد فصول حياته المدرسية ، وفي عام 1997 طرق أبواب كلية الهندسة في جامعة بيرزيت ، وفي نهاية سنته الدراسية الثالثة ، بدأت قوات الاحتلال بمطاردته ، لكونه نشيطًا في أحداث الانتفاضة المتصاعدة ، ومنذ تلك الفترة انقطعت أخباره قسرًا عن والديه ، لكن غارات الاحتلال الهمجية على البيت، لم تتوقف وخصوصًا تلك التي تأتي بعد إنتصاف الليل في ليالي الشتاء الباردة ، بحجة البحث عن عماد، دون مراعاة كبر سن الوالدين ، ووضعهما الصحي.
وفي منتصف ليلة الحادي عشر من أيلول عام 2003 ، في بلدة بيتونيا غرب مدينة رام الله ، كان ثمة قرار إسرائيلي بهدم البيت الذي يأوي العائلة ، لكن قلب الأم سرعان ما فهم المقصود ، فعرفت فشل الجنود في العثور على ابنها ، عندها اطمأنت وأجابتهم بكل ثقة "البيت اللي بناه ببني غيره" ، وقام الجنود بإخراجهم من البيت إلى العراء عنوة، ليتحول البيت بعد لحظات إلى ركام تناثرت أجزاؤه في أرجاء المكان ، وتناثرت معه ذكريات الماضي ، ولربما تبخرت أيضًا احلام رسمها أصحابه البيت لمستقبل زاهر ينتظر ابنهم عماد.
بعد خمسين يومًا على هدم البيت ، اعتقل عماد من حي الطيرة برام الله ، في عملية نفذتها قوات الاحتلال، واعتقلت خلالها ما يزيد عن ثلاثين ناشطًا من نشطاء الانتفاضة ، فتعرض لتحقيق عصيب في المسكوبية، والجلمة، ولم يسمح للمحامي بزيارته إلا بعد 57 يوما من اعتقاله، حُكم بالسجن مدة 27 عاما، قضى منها حتى الآن تسع سنوات عجاف متنقلًا بين عوفر ، عسقلان ، وبئر السبع ونفحة.
باعتقاله فقدت عائلته طعم الحياة، وأصبح طبق الطعام يُعد ممزوجا بالدموع ، كلما نظرت والدته الى مكانه ووجدته فارغاً على المائدة .
قبل عدة أشهر تزوجت شقيقته "رانيا" ، ولم يحظ عماد بمشاركتها فرحها، فأصبح الوالدان إلى جانب مرضهما وكبر سنهما وحيدين في البيت ، ليس لهما من يرعى شؤونهما ، دار في خاطري تساؤل سرعان ما طرحته عليهما ، كيف تشعران وانتما وحيدان في البيت ؟ "يا ابني إحنا لو شفنا عصفور على الشباك بنتونس بشوفته، بنحب الناس تيجي تزورنا ونتسلى معهم".
حبست دمعاتي التي كانت على وشك الهطول ، لم أدرِ ماذا افعل، لربما نكأت جُرحاً من حيث لا أدري ، لملمتُ أوراقي وخرجت ، ولسان الوالدين يلهج بالدعاء أن لا يمر يوم الأسير في العام القادم إلا وخمسة آلاف أسير فلسطيني يتنسمون عبير الحرية ، بمن فيهم "عماد" .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة السجين والأمل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دليل ستالايت :: الإدارة والمشرفون :: الموضوعات العامة للمنتديات-
انتقل الى: