إخوانى الإعزاء
قال أعداء الإسلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم
تزوج السيدة عائشة وهي ابنة ست سنين فكيف
_على حد زعمهم_
أن يتزوج ويعاشر طفلة في مثل هذا العمر
ألا يعد ذلك شذوذا وقسوة منه
الـــــرَّد علـــى الشبهــــــة
هذه الشبهة تدل على الاستماتة من أعداء الإسلام
في النيل من الحبيب صلى الله عليه وسلم
وآل بيته الكرام ذلك لأن هم لما فشلوا في النيل منه
صلى الله عليه وسلم فى الشبهتين السابقتين
شرعوا فى شبهة جديدة.
حداثة الشبهة
إن تلك الشبهة حديثة وليست بقديمة وهذا يدل على أنها
لو كانت مطعنا حقيقا لما تركه أعداء الإسلام
الأول الذين بذلوا كل ما فى وسعهم للنيل من هذا الدين
زواجه صلى الله عليه وسلم بعائشة اقتراح الخاطبة :
حينما توفت السيدة خديجة زوجة النبى صلى الله عليه وسلم
مكث الحبيب فترة من الزمن عاكفا عن الزواج ولكن حاجة البيت
تدعو لوجود امرأة لتربية الأولاد الذين أنجبهم
النبى صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة
فقد أنجب منها كل أولاده عدا إبراهيم فأقبلت عليه خولة بنت حكيم
لتعرض عليه أن يتزوج فسألها الحبيب صلى الله عليه وسلم
عن أى النساء تقصد ...
حتى أتمت الخاطبة زواجه صلى الله عليه وسلم
من كل من السيدة سودة بنت زمعة وعائشة بنت أبى بكر الصديق
سًبْق خطوبة السيدة عائشة :
قبل أن يتقدم لها النبى صلى الله عليه وسلم
كانت السيدة عائشة مخطوبة لجبير بن المطعم بن عدى
وهذا يعنى أنها وإن كانت بنت ست سنين إلا أنها كانت تصلح للزواج
وقتها من حيث البنية علما بأن ساكنى البلاد الحارة
ينمون أسرع ويبلغون أسرع من ساكنى البلاد الباردة.
عادة العرب ألفت ذلك:
ألفت عادة العرب أن يتزوج الرجل بمن هى أصغر منه
فى السن بصرف النظر عن الفارق بين الطرفين
التاريخ يشهد على ذلك .
فتلك هى السيدة مريم عليها السلام كانت قد خطبت
لابن عمها يوسف النجار وكان عمره وقتها تقريباً
تسعة وثمانين سنة وكانت هى ابنة الثانية عشرة من عمرها
أى أن الفارق بينهما وقتها كان سبعاً وسبعين سنة
زواج عبد المطلب وابنه عبد الله
فقد ثبت أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانت في حجر عمها أهيب بن عبد مناف بن زهرة
وإن عبد المطلب بن هاشم جاء بابنه عبد الله بن عبد المطلب
أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوج
عبد الله آمنة بنت وهب وتزوج عبد المطلب هالة
بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة وهي أم حمزة بن عبد المطلب
في مجلس واحد وكان قريب السن من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخاه من الرضاعة إذا فقد تزوج عبد المطلب فتاة
وابنه تزوج أخرى فى مثل عمرها وهى ابنة عمها
عمر بن الخطاب تزوج ابنة على
وتزوج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبى طالب علما
بأنه أكبر سنا من أبيها فى هذا الوقت بل وعرض
الفاروق عمر بن الخطاب على أبى بكر أن يتزوج ابنته السيدة حفصة
وكانت شابة فى ريعان شبابها
وكل ما سبق يدل على أن المجتمع فى ذلك الوقت
تعود مثل هذه الزيجات ولذلك لم تظهر تلك الشبهة
إلا من وقت قريب جدا.
الوحى يخبره عليه السلام بزواجه من عائشة
تدل الأحاديث النبوية الشريفة على أن النبى صلى الله عليه وسلم
تزوج عائشة رضى الله عنها بأمر من عند الله تبارك وتعالى.
والدليل على ذلك ما يلي :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :
]أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ
أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا
فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ
وجــــه الدلالة :
أن الحبيب صلى الله عليه وسلم أخبر السيدة عائشة أنه رآها
فى منامه مرتين فى قطعة من حرير وأُخْبِر أن تلك التى
تراها إنما هى ابنة أبى بكر وإنها زوجتك يا محمد
ومن ثم فإن الذى زوج عائشة للحبيب صلى الله عليه وسلم
رب العزة من فوق سبع سموات
النبى صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة بعد الخمسين
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة
وكان عمره وقتها حوالي خمسين سنة فإن تعقلنا الأمور
بموضوعية فإننا سنعرف أن الغرض من هذا الزواج
ليس الشهوة ولا الغريزة كما يدعى البعض.
ولكن هذا الزواج كان لأغراض أسمى من أن تصل إليها عقول
هؤلاء الحمقى وسنذكر تلك الأغراض بعد قليل
أكبر وأهم دليل على بطلان الشبهة :
مكثت السيدة عائشة أم المؤمنين زوجة
فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات قبل أن يدخل بها.
ألا يعد ذلك دليلا على أن النبي صلى الله عليه وسلم
صاحب نفس سوية فلو كان كما زعموا يعاشر الطفلة الصغيرة
لكان قد ثبت أنه جامعها ولو فى رواية ضعيفة
ولكنه لم يثبت بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم
دخل بها وهى ابنة تسع سنين أى مكثت فى بيته
وداره ثلاث سنين دون أن يقربها وهذا أكبر دليل على
عفة نفسه صلى الله عليه وسلم
وعدم قيامه بارتكاب ما حرم الله تبارك وتعالى
والدليل على هذا :
ما جاء في كثير من كتب السنة الصحيحة يروي قصة زواجه
عليه الصلاة السلام من السيدة عائشة
ودعونا نسمع منها رضى الله عنها تلك القصة:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ
فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ
شَعَرِي فَوَفَى جُمَيْمَةً فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ
وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي
فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ وَإِنِّي لأن هِجُ حَتَّى
سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي
وَرَأْسِي ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ
فَقُلْنَ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ
فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ضُحًى فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ
البنية الجسدية :
كلنا يعلم أن الآباء والأجداد من عصور متقاربة كانوا يتزوجون مبكرا
أى فى أعمار مبكرة ذلك لأن أجسامهم كانت تختلف عن أجسادنا
بكثير من حيث الحجم وأجدادهم كانوا أضخم منهم جسما.
ومعروف أن الإنسان كلما مرت به العصور تقزم أى تضائل حجمه
فلم العجب إذاً إذا كانت الجدات يتزوجن وهن بنات الإحدى
عشرة سنة أن تتزوج السيدة عائشة من أكثر من ألف
وأربعمائة سنة وهى ابنة تسع سنين.
لماذا تزوج النبى صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة
كما سبق وأشرنا إلى أن زواجه صلى الله عليه وسلم
من السيدة عائشة لم يكن بغرض الزواج من حيث الأصل
وإنما كان لهذا الزواج أغراض أخرى نشير
إليها بشئ من الإيجاز على نحو ما يلى:ـ
1ـ توطيد صلته صلى الله عليه وسلم بأبي بكر
أبو بكر هو أكثر من بذل فى سبيل الله بعد الحبيب صلى الله عليه وسلم
وعانى وضحى بماله وعرَّض نفسه للمخاطر مراتٍ ومراتٍ
فداءً للحبيب صلى الله عليه وسلم
ولو مكثنا نتحدث عن فضائل الصديق وبذله لما انتهينا بل إن هذا
ما أشار إليه الحبيب صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته
حينما قال صلى الله عليه وسلم فى آخر ما خطب به المسلمين.
كل من بذل إلينا معروفا كافأناه به إلا أبو بكر فإننا تركنا أجره على الله.
ألا يستحق هذا الرجل وآل بيته أن يحظوا بمثل هذا الشرف.
2ـ من يحمل هم الدعوة :
لاحظ معى أن الحبيب صلى الله عليه وسلم لما تزوج السيدة عائشة
لم ينجب منها بل وكانت البكر الوحيد التى تزوجها صلى الله عليه وسلم
من بين زوجاته وذلك لأن النساء بحاجة إلى من يعلمهن
خاصة إذا كان الأمر ذا مشقة أن يتناول بين رجل وامرأة
فكانت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها من قامت بهذا الدور
فهى فتاة صغيرة فى السن أى يسهل عليها الحفظ والفهم
والتلقى وأيضا لا يتحرج منها النساء خلافا إذا كانت كبيرة
مثلا فى مثل أعمارهن ولا يستحي منها الفتيات الصغيرات
لأن ها فى مثل سنهن
لذا فهى من أكثر النساء رواية للحديث عنه صلى الله عليه وسلم
وحتى بعد وفاته ظلت لتعلم النساء أمور دينهم وكانت
وقتها ابنة الثامنة عشره من عمرها رضى الله عنها
وهذا الجدول التالى بيين لنا عدداً من أمَّهات المراجع
فى كتب السنة النبوية المطهرة وما يتعلق منه
رواية بالسيدة عائشة وهو إحصاء تقريبى لتقف أخى المسلم
على الدور الذى قامت به السيدة عائشة
بعد وفاة الحبيب صلى الله عليه وسلم
اسم المرجع
عدد الأحاديث
صحيح البخاري
1800
صحيح مسلم
620
سنن الترمذي
500
سنن النسائي
670
سنن أبى داوود
450
سنن ابن ماجة
400
مسند الإمام أحمد
2500
موطأ الإمام مالك
150
سنن الدارمى
200
3ـ من لعلم الفقه والسيرة
تشير كتب السيرة والفقه إلى أن السيدة عائشة
كانت مرجعا هاما للمسلمين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم
فى الأمور الفقهية وكذلك في سيرته صلى الله عليه وسلم
وكانت تراجع الحفظة والرواة فى حفظهم رضى الله عنها.
قال الإمام الزهرى رحمه الله:
لو جمع علم عائشة إلى علم أمهات المؤمنين
بل إلى علم النساء كافة لرجح علم عائشة رضى الله عنها.
وقال عطاء بن أبى رباح :
كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأيا
لم ينزل الوحي إلا في بيت عائشة
وليعلم هؤلاء المضللون
أن الوحى لم يكن ينزل على سيدنا صلى الله عليه وسلم
إلا فى بيت السيدة عائشة ولم ينزل عليه صلى الله عليه وسلم
فى سائر بيوت زوجاته وهذا يؤكد أن زواجه صلى الله عليه وسلم
منها كان من أهم أغراضه أن تكون السيدة عائشة معلمة
وناقلة عنه صلى الله عليه وسلم وهذا طبعا لا يشمل
السيدة خديجة بنت خويلد الزوجة الأولى
للرسول صلى الله عليه وسلم
الدليل على ذلك
عن أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
]كلمني صواحبي أن أُكَلِّمَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
أَنْ يَأْمُرَ الناس فَيُهْدُونَ له حَيْثُ كان فإن هُمْ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدِيَّتِ
هِ يوم عَائِشَةَ وأنا نُحِبُّ الْخَيْرَ كما تُحِبُّهُ عَائِشَةُ فقلت:
يا رَسُولَ اللَّهِ إن صواحبي كلمنني أن أُكَلِّمَكَ لِتَأْمُرَ الناس
أن يُهْدُوا لك حَيْثُ كُنْتَ فإن الناس يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يوم عَائِشَةَ
وَإِنَّمَا نُحِبُّ الْخَيْرَ كما تُحِبُّ عَائِشَةُ قالت:
فَسَكَتَ النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يراجعني فجاءني صواحبي فَأَخْبَرْتُهُنَّ أنه لم يُكَلِّمْنِى فَقُلْنَ:
لاَ تَدَعِيهِ وما هذا حين تَدَعِينَهُ قالت:
ثُمَّ دَارَ فَكَلَّمْتُهُ أن صواحبي قد أمرنني
أن أُكَلِّمَكَ تَأْمُرُ الناس فَلْيُهْدُوا لك حَيْثُ كُنْتَ فقالت له
مِثْلَ تِلْكَ الْمَقَالَةِ مَرَّتَيْنِ أو ثَلاَثاً كُلُّ ذلك يَسْكُتُ عنها
رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال:
يا أُمَّ سَلَمَةَ لاَ تؤذيني في عَائِشَةَ فإن
والله ما نَزَلَ عَلَىَّ الوحي وأنا في بَيْتِ امْرَأَةٍ من نسائي
غير عَائِشَةَ فقالت:
أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَسُوءَكَ في عَائِشَةَ
وجه الدلالة
ووجه الدلالة من هذا الحديث النبوي الشريف
أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما طلبت منه
زوجته السيدة أم سلمة أن يأمر الناس بأن ياتوا بهداياهم
فى أيام سائر نسائه صلى الله عليه وسلم لأن الناس
تعودوا على أن يرسلوا هداياهم فى يوم عائشة
قال لها صلى الله عليه وسلم لا تؤذينى فى عائشة فإن
الوحي لا يأتينى فى بيت إحداكن إلا فى بيتها
ولهذا فإن لها ما لها من المكانة سواء بين المسلمين
أو فى قلبه صلى الله عليه وسلم وهو لا يريد
أن يضيع تلك المكانة والخير خير
بصرف النظر عن المكان الذى يفعل فيه.
هذا ما أعلم والله أعلى وأعلم
وإلى رد على شبهة جديدة بإذن الله وحوله
فتقبلوا منى بفائق الأحترام
----------------------------------------------------------------
[1] ـ الموسوعة الكاثوليكية على هذا الرابط :
http://www.newadvent.org/cathen/08504a.htm[2] ـ المستدرك ع