كان داخل المقلمة، ممحاة صغيرة، وقلمُ رصاصٍ جميل.. قال الممحاة: -كيف حالكَ يا صديقي؟ -لستُ صديقكِ! -لماذا؟ -لأنني أكرهكِ. -ولمَ تكرهني؟ قال القلم:
-لأنكِ تمحين ما أكتب. -أنا لا أمحو إلا الأخطاء . -وما شأنكِ أنتِ؟! -أنا ممحاة، وهذا عملي . -هذا ليس عملاً! -عملي نافع، مثل عملكَ . -أنتِ مخطئة ومغرورة . -لماذا؟ -لأنّ مَنْ يكتبُ أفضلُ ممّنْ يمحو قالت الممحاة: -إزالةُ الخطأ تعادلُ كتابةَ الصواب .
أطرق القلم لحظة، ثم رفع رأسه، وقال: -صدقْتِ يا عزيزتي! -أما زلتَ تكرهني؟ -لن أكره مَنْ يمحو أخطائي -وأنا لن أمحوَ ما كان صواباً . قال القلم: -ولكنني أراكِ تصغرين يوماً بعد يوم! -لأنني أضحّي بشيءٍ من جسمي كلّما محوْتُ خطأ . قال القلم محزوناً: -وأنا أحسُّ أنني أقصرُ مما كنت! قالت الممحاة تواسيه: -لا نستطيع إفادةَ الآخرين، إلا إذا قدّمنا تضحية من أجلهم. قال القلم مسروراً: -ما أعظمكِ يا صديقتي، وما أجمل كلامك! فرحتِ الممحاة، وفرح القلم، وعاشا صديقين حميمين، لا يفترقانِ ولا يختلفان