ثمة كتاب فيه حكايات وصور ملونة وثمنه عشرون قرشاً.في ذلك الكتاب ثلاث صفحات فقط. الحكاية الأولى: تحكي عن تنين يسبب للناس الكثير من المتاعب. على الصفحة الأولى: نراه يزحف فيتلف البذور ويمنع الناس من شرب الماء. وكان الجميع يخافونه. على الصفحة الثانية: نرى فتىً شجاعاً يهاجمه... وقد يتصور كل واحد منا كيف هلك التنين بسيف البطل. لقد أعلن التنين منذ الصفحة الأولى قائلاً: ـ لا! لن تكون نهاية الحكاية على هذه الشاكلة! لم يزل الوقت باكراً على النهاية. وبعد أن قال ما قال رفع رأسه وفغر فاه المخيف ثم راح يرسل اللهيب من الصفحة الأولى إلى الصفحة الثانية. وضحك التنين حاقداً: ـ ها، ها، ها، سأحرق الصفحة الثانية الآن وأجعلها تتحول إلى رماد ودخان. لن أتحرك عن الصفحة الأولى. سأعيش سعيداً هنا وسأعذب الناس مادمت حياً. وأشعل التنين الصفحة الثانية التي اجتمع فوقها الكثيرون من الناس لكي يتابعوا القتال عن قرب. راح اللهيب يمد ألسنته إلى الأعلى وإلى الأسفل، إلى الأمام وإلى الوراء ـ وزاد السعير وتطاير. وحين يندلع اللهيب لا يستطيع أحد إيقافه. احترقت الصفحة الثانية. وكفت عن الاشتعال. ولكن اللهيب امتد إلى الصفحة الأولى. أحس التنين بحرارة شديدة ففح: ـ آخ، يا ويلاه، لقد تصرفت كالحمقى! آخ، يا ويلي لقد اشتعل ذيلي! وفهم التنين: لا يجوز اللعب بالنار!... ولكنه فهم ذلك متأخراً. واحترقت الصفحة الأولى كما احترقت الصفحة الثانية واختفت الحكاية كلها، فقد تحولت مع التنين إلى دخان ورماد.