موضوع: قصة قصيرة بعنوان سراب ضحية من ضحايا الأرهاب السبت نوفمبر 03, 2012 10:56 pm
تحية طيبة للجميع
سراب .. فتاة مرحة .. متألقة .. تمتاز بالأخلاق والآداب .. صفاتها عديدة .. وكلها حميدة .. ضحكتها بريئة .. أحلامها ملونة وسعيدة وأيضا بريئة .. جامعية تدرس الآداب .. جميلة رائعة تسلب في رقتها الألباب .. قبلة أنظار الزملاء والأصدقاء وكل الشباب.. ذات يوم ذهبت برفقة الأصحاب .. لسوق شعبي فيه الرجال والنساء والأطفال والشيوخ وكلهم أطياب .. أنبرى لهم وجه كالح .. من شلة الأغراب .. فجر نفسه وسط السوق .. وعلى لسانه كان لفظ الجلالة يؤذن بالدم والموت ونهاية حياة الضحكة وتمزيق دفاتر الطلاب .. أصطبغ المكان بلون الدم .. كل شيء صار لونه أحمر قاني يفصح عن حقد دفين لصاحب الفعل الشنيع الذي أخذ العديد من أرواح ناس سجلوا في حينها في سجل حضور الحياة أنهم غياب .. وبعد قرع أجراس الموت .. بان الجميع أشلاء متناثرة وسط كومة من التراب .. بدأ الصياح والنياح وتعالت نداءات الأسامي كل يبحث عن عزيز له وسط جمع الأطياب .. ذاك ينادي .. أبني وهذا يصيح أمي .. وتلك تصرخ وتقول أبنتي .. أبي .. سهاد .. شهلاء .. محمد .. علي .. وغيرها .. لكن صوت واحد ينادي عاليا .. سراب .. أين أنت يا سراب . .... كان صوت رفيقة سراب .. تناديها تبحث عنها وسط الأشلاء وتلتمسها من خلال مسح الوجوه وابعادها عن التراب .. كان منظرا دمويا .. ليس مايهمني منه الا تلك البريئة التي تدعى سراب. لأن تناول تلك المأساة يحتاج مني سردها بموضوع يخص مشكلتنا التي نعانيها .. والتي تدعى الأرهاب.
بعد شهر تعافت سراب .. لكنها تفاجئت عندما كانت تحاول الوقوف .. بأنها فقدت ساقها من جراء فعل الأرهاب ... توالت الأيام عليها متثاقلة طويلة .. مؤلمة قاسية في لحظاتها .. وحدتها .. تغيرت فيها الحياة .. أختفت الضحكات .. أرتسم الحزن في فمها بعدما كان ينثر البسمات .. دموعها باتت لاتفارقها .. أختفى من حياتها الكثير من الأحباب .. لم يعد لهم وجود .. تعالت الأنات وتذكرت الذكريات .. كانت محاطة بالكثير من الأصحاب .. وهاهي الآن وحدها تعاني دون أن يسألها عن حالها أحد الأصحاب .. الا رفيقتها التي كانت تنادي .. أين أنت ياسراب . .
تركت دراستها .. تركت جامعتها .. باتت وحيدة .. لاتقوى على الحراك .. سجنت في كرسيها المتحرك .. تعاني وطأة الوحدة .. (الوحدة... آه من الوحدة) .. شيء مقيت .. خصوصا عندما تكون مجبرا عليها .. والأصعب عندما تعيشها وأنت لم تألفها من قبل .. تخيل أيها القاريء .. ماكان حالة سراب .. عندما قالت في نفسها .. كنت أسأل نفسي .. لماذا أسموني سراب .. عرفت الآن الأجابة .. لأن حياتي كانت وستبقى الى الأبد سراب في سراب ... كم أكرهك يا أسمي .. كم ألعنك يا أسمي .. كنت تطلق علي .. وألآن أصبحت حالة أعيشها .. أنني الآن فعلا اسما على مسمى .... سراب
أنتبه لها أهلها .. حاولوا التخفيف عنها .. بحنان أحاطوها .. بدلال عاملوها .. بحب صادق أغرقوها .. لكن كل هذا لم يعنيها .. ولم يبدد وحدتها .. أخيرا فكرت في نفسها كفتاة .. كأنثى .. كمصير .. كمستقبل .. كيف ستكون النهاية .. كيف ستعيش .. كيف ستحب .. هل ستكون أم .. هل ستكون حبيبة .. هل ستعرف العشق .. كيف وكيف وكيف ؟؟؟؟ أسئلة كانت في مخيلتها .. تداعب رغباتها كأنثى .. قالت في نفسها .. أنا بنت وأنا شجاعة وأنا مؤمنة .. علي أن أنفض عني يأسي وأترك ألمي .. كي أعيش .. لكن .. كيف ؟؟؟ .. قالت في نفسها .. أنه الحاسوب .. أنه النت .. من خلاله .. سأعيش الحياة .. أعيش الحب .. أعيش كأنثى .. لها رغبات وأمنيات .. لاتستطيع أن تعيشها بحالتها الحالية كفتاة .. وكان لها ما أرادت .. كان حاسوبها كل حياتها .. أمنياتها .. رغباتها .. عشقها .. مجونها .. مرحها .. حزنها .. كل شيء لها .. وأغلى شيء عندها .. أنه صلتها بعالمها الذي أختارته .. بدأت رحلتها في عالمها الجديد .. أختارت لها صورة رمزية تمثلها .. كانت أمرأة جميلة .. فاتنة .. ليس فيها أي من المغريات .. وأسم كان قريبا لها من نفسها يمثل الحنين للذكريات .. دخلت الى الكثير من المنتديات .. تعارف .. فن .. رياضة .. أدب .. قصص وروايات .. أبدعت وتألقت في كل المجالات .. أحست من خلال عالمها الجديد .. أنها فتاة .. لكنها كانت تخاف وتريد الحب كأي أنثى .. وفي يوم .. غزا قلبها الحب .. والعشق .. ومعه .. كان حضور الأمنيات .. كان شخصا يتوافق معها من حيث الأبجديات .. رقيق .. رائع .. له حضور محترم .. في أحد المنتديات .. أحبته .. تعلقت به .. أغرمت به .. لكنها عندما تخلو بنفسها .. كانت في رأسها العديد من التساؤلات .. ومنها
- أنها فتاة .. معاقة .. هل لها الحق بالحب كباقي الأخريات. - أنها فتاة .. تعلمت الحياء .. فكيف لها أن تكبت الشهوات والرغبات - أنها فتاة .. كيف سينظر لها حبيبها .. عندما يعرف .. أنها حبيسة كرسي .. ولاتستطيع أن تخرج معه ويكون بينهما لقاءات - أنها فتاة .. لو فرضت جدلا .. أن ذاك الحبيب .. قبل بها كمعاقة .. هل سيقبل بها زوجة له .. وتكون من ضمن الأمهات - أنها فتاة .. تحن للذكريات .. وتعيش محاولة تحقيق بعض الأمنيات - أنها فتاة .. كيف سينظر لها المجتمع .. هل سيلومها .. أم ينصفها .. عندما تحاول أن تعيش كباقي البنات - أنها فتاة .. كيف سينظر لها قاريء قصتها .. هل سيحاول أن يكون مكانها ويعرف كم تعاني عند الركون الى الذات
أنها بأختصار .. قصة حقيقية .. لفتاة عرفت قصتها قبل أيام .. تفاعلت معها .. وطلبت أذنها .. أن أدونها
أتمنى أن أكون وفقت لنقل معاناتها .. أنها سراب .. ضحية من ضحايا الأرهاب