والعبارة كناية عن الشدة ، كما قال الشاعر: كشفت لهم ساقها * * * وبدا من الشر البراح
الرد على هذه الشبهة:
لقد حظى كتاب الله العزيز بعناية منقطعة النظير ، فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته. ومن الحقائق الراسخة رسوخ الجبال أن طريق تَلَقِّى القرآن كان هو السماع الصوتى.
- سماع صوتى من جبريل لمحمد عليهما السلام. - وسماع صوتى من الرسول إلى كتبة الوحى أولاً وإلى المسلمين عامة. - وسماع صوتى من كتبة الوحى إلى الذين سمعوه منهم من عامة المسلمين.
- وسماع صوتى حتى الآن من حفظة القرآن المتقنين إلى من يتعلمونه منهم من أفراد المسلمين.
هذا هو الأصل منذ بدأ القرآن ينزل إلى هذه اللحظة وإلى يوم الدين ، فى تلقى القرآن من مرسل إلى مستقبل.
وليست كتابة القرآن فى مصاحف هى الأصل ، ولن تكون. القرآن يجب أن يُسمع بوعى قبل أن يقرأ من المصحف ،
ولا يزال متعلم القرآن فى أشد الحاجة إلى سماع القرآن من شيوخ حافظين متقنين
، وفى القرآن عبارات أو كلمات مستحيل أن يتوصل أحد إلى نطقها الصحيح عن مجرد القراءة فى المصحف ، ولو ظل يتعلمها وحده أيامًا وأشهرا.
أجل..
كان سيكون لأفكار جولد زيهر وجه من الاحتمال لو كان المسلمون
يأخذون القراءة قراءة من مصاحف. أما وقد علمنا أن طريق تلقى القرآن هو السماع الموثق ،
فإن أفكار جولد زيهر تذهب هباء فى يوم ريح عاصف.
******
ثانيًا:
إن القراءات الصحيحة مسموعة من جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ومسموعة من محمد صلى الله عليه وسلم لكتبة الوحى ،
ومسموعة من محمد ومن كتبة الوحى لعموم المسلمين فى صدر الإسلام الأول ،
ثم شيوخ القرآن فى تعاقب الأجيال حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
لقد سمع المسلمون من محمد المعصوم عن الخطأ فى التبليغ " فتبينوا " و " فتثبتوا
" فى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) بالباء والياء والنون.
وسمعوها منه " فتثبتوا
" بالتاء والثاء والباء والتا ء وكلا القراءتين قرآن موحى به من عند الله . وليس كما توهم جولد زيهر
، إنهما قراءتان ناشئتان عن الاضطراب الحاصل من خلو كلمات المصحف من النقط والشكل فى أول أمره ؟.
*****
فما أروع هذه القراءات ، ورب السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما ،
إن قراءات القرآن لهى وجه شديد الإشراق من وجوه إعجاز القرآن ، وإن كره الحاقدون.
وكما سمع المسلمون من فم محمد ، الذى لا ينطق عن الهوى
صلى الله عليه وسلم
وفاعل الفصل فى القراءتين واحد هو الله عز وجل:
لقدره.
وقد قدمنا فى إيجاز ما أبطل هذه الأوهام ، وبقى علينا فى الرد على هذه الشبهة أن نذكر فى إيجاز كذلك جهود علمائنا فى تمحيص القراءات ، وكيف وضعوا الضوابط الدقيقة لمعرفة القراءات الصحيحة ، من غيرها مما كان شائعًا وقت جمع القرآن فى عهد عثمان بن عفان " رضى الله عنه ".
*
تمحيص القراءات:
وضع العلماء الأقدمون ضوابط محكمة للقراءات الصحيحة التى هى وحى من عند الله. وتلك الضوابط هى:
1- صحة السند ، الذى يؤكد سماع القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- موافقة القراءة لرسم المصحف الشريف ، الذى أجمعت عليه الأمة
فى خلافة عثمان رضى الله عنه
مع ملاحظة أن الصحابة الذين نسخوا القرآن فى المصحف من الوثائق النبوية فى خلافة عثمان
، نقلوه كما هو مكتوب فى الوثائق النبوية بلا تغيير أو تبديل.
ورسم المصحف الذى بين أيدينا الآن سنة نبوية ؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم أقر تلك الوثيقة ،
واحتفظ بها فى بيته حتى آخر يوم فى حياته الطيبة.
( ولذلك أجمع أئمة المذاهب الفقهية على تحريم كتابة المصحف فى أى زمن من الأزمان ، على غير الرسم المعروف بالرسم العثمانى للمصحف الشريف.
ونقل هذا الإجماع عنهم كثير من علماء تاريخ القرآن ) .
3- أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوه تراكيب اللغة العربية ؛ لأن الله أنزل كتابه باللسان العربى المبين.
4- أن يكون معنى القراءة غير خارج عن قيم الإسلام ومقاصده الأصول والفروع.
فإذا تخلف شرط من هذه الشروط فلا تكون القراءة مقبولة ولا يعتد بها.
وعملاً بهذه الضوابط تميزت القراءات الصحيحة من القراءات غير الصحيحة ، أو ما يسمى بالقراءات الشاذة ، أو الباطلة.
أشكركم على حسن متابعتكم والله المستعان عما يصفون بهتاناَ عظيما
يريدوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون
إبعاد الشبهه حول { تعدد القراءات فى القرآن الكريم }