مقدمة ديوان ثورة الياسمين لخالد الحويطى وتأصيل فكرة الحب والانتماء
كاتب الموضوع
رسالة
أشرف على
مؤسس الدعم التطويرى
عدد المساهمات : 2842 تاريخ التسجيل : 23/10/2012
موضوع: مقدمة ديوان ثورة الياسمين لخالد الحويطى وتأصيل فكرة الحب والانتماء السبت نوفمبر 03, 2012 9:30 pm
يعد الشاعر السعودى / خالد الحويطى هو أول من أصدر ديوان شعر عن ثورة الياسمين فى السعودية ، وهو من الأوائل كذلك فى الوطن العربى ، وهو يجعل من مفهوم الحب رمزاً لهذه الثورة العربية التى عمت البلدان لتغيير الوضع الانسانى العام ، وليعيد الصورة السامقة للمواطن العربى الحر الذى ينعم بالحرية ، وينزع الى غد ومستقبل أفضل . وفى ديوانه " ثورة الياسمين " يتناول خالد الحويطى المجتمع العربى بكل أبعاده من خلال مفهوم الحب الذى يدعّم الانتماء الوطنى، ويعمّق هذا المفهوم بمضامينه المختلفة : حب الذات والحبيبة والوطن والمجتمع ، والعالم والكون والحياة . انه ديوان يساوق به الواقع ، وينشد القيم المجتمعية الأصيلة التى غابت عن واقعنا العربى بفضل الحداثة والكونية والشرق أوسطية وغيرها من موجات العولمة والهيمنة التى يحاول الغرب بثها فى الشرق ليخلخل القيم الاجتماعية ، ويضعف المنظومة الاقتصادية والتنموية ، وبالتالى يعمل الى تهيئة المجتمعات لقبول قيمه الامبريالية الاستعمارية ، لكن " خالد الحويطى " يدرك ماهية الوطن ،والولاء ، والانتماء ، فنراه يقدم رسالته الى المتنبى ليبث له شكاواه وآلامه ، فهو المحب العاشق الذى يريد الشفافية مع من يحب ، كما أنه الفيلسوف الذى يدعو الى الحب بعين موجوع ذا مواجد تنمّ عن معرفة خبير وحاذق بأمر العشق والوله والهيام والوجد ، وربما كان متصوفاً متبتلاً سابحاً فى ملكوت مملكة الحب أيضاً ، حيث نراه يتحدى أى امرأة فى العالم ، فنشاهد النساء لديه مترنحات فى عشقه – كما يقرر - بسبب قصائده التى تسبح فى ملكوت الأنثى وتخاطب أحاسيسها ، كما أن المرأة لديه هى الوطن كذلك ، فنراه يهيم عشقاً بها فيندغم حبه للمرأة بحبه للوطن، لذا لا غرو أن يخاطب التراث والأصالة متمثلاً المتنبى ، ويخاطب المعاصرة متمثلاً نزار قبانى ، الا أنه يخط له فلسفة خاصة لشاعر ينضّدد حروفه على جمر الحب المشتعل . ان شاعرنا أ/ خالد الحويطى قد استطاع أن يقيم علاقة بين ما يشعر به فى ذاته ، وما يحدث فى مجتمعه ، فأخرج لنا هذا الديوان الذى يجمع فيه بين الهموم المجتمعية ، والآهات التى تخالج ذاته ، كما أنه يعرّج بنا على بعض الأمراض الاجتماعية التى تصيب الأمم ، كمرض الارهاب الذى يدمر الفرد والمجتمع ،ويزعزع الاستقرار بعد الأمن ، وينشر الظلام بدلاً من النور والثقافة والحضارة . كما لا يتناسى الشاعر قضايانا الاقليمية ، كالقضية الفلسطينية ، وقضايانا النفسية التى تحتاج الى علاج ورأب للصدع من خلال دعوته للحب ، ونشر القيم الفاضلة لاستتباب الأمن والسلام بين الشعوب ، كما يفضح الديوان عجزنا العربى ، ويدلّل الى قضايانا القومية الكبرى ، ويعالج أمراض الأحزاب والحكومات ، ومجالس الشعب وغيرها من القضايا التى تلحّ على الساحة السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية . وشاعرنا / خالد الحويطى يقدم الاحترام لجلالة الملك صاحب السمو الملك / عبدالله بن سعود ، ملك السعودية الحالى – حفظه الله – ويقر بالمديح له ، ويدعو له بموفور الصحة والعافية ، وفى هذا صدق وولاء وطنى لملك عظيم قد حكم بالعدل ، فكانت السعودية فى عهده مثار فخر بين العرب ، اذ شجع الثقافة والفن والابداع وجعل للشعر منتديات ومؤتمرات وأسواق ، يتبارى فيها الشعراء والأدباء واهل الفن والثقافة ، وغيرهم . الا أن الغالب على الديوان هو موضوع الحب ، وهو الفيصل فى " ثورة الحب " التى وصفها " بثورة الياسمين" – كما أطلق عليها فى تونس ن اوثورة العدالة والغضب كما فى مصر .. أو ثورة ليبيا أو اليمن او البحرين وقطر والجزائر ....ألخ ، وكلها أوصاف أو شعارات لغضب الشارع العربى وانتفاضته ضد الأنظمة المستبدة ، والياسمين ن او اللوتس او القرنفل هى رموز أطلقها لتتماس مع الواقع الذاتى ، والمجتمعى ، والقومى فكانت الثورة " كطوق الياسمين " الذى يقدمه لحبيبته ومعشوقته ، كرمز لتغيير الواقع ، وعلى أمل أن يفوز بقلبها ، كما فاز الثوار بمطالبهم الخاصة والعامة . هذا ونلاحظ أن اللغة عنده تنساب كشلال ينهمر من بحر عاشق محب ، يصنع للحب دولة يكون فيها الفارس والبطل ، وقد استطاع أن يعبّر عن مكنون وجدانه – بقدر ما يطيق - فخرج شعره فطرياً صادقاً ، ليس به تكلّف ، بل التعبيرية تكسوه وتغلّفه بتعبيرات بسيطة وموحية ، تعبّر عن شاعر يخطو نحو طريق النور وطريق الحب الجميل السامق ، ونحن نشدّ على يديه ، ونثمّن تجربته ، ونقدم له ، موقنين أننا أمام شاعر يغرس البذور فى تربة الشعر ومادته ، وأظنه سيحصد خيراً وفيراً ، وثمار يانعة ، كما أستشرف له كل توفيق كذلك فى دواوينه القادمة ، ليغمرنا بالدفء والجمال ، كما غمرنا هنا بصدق العاطفة ، والنزوع الى التعبير بكل طاقاته وكوامنه ، ليدلل الى وجوده ، ولتصل رسالته الى قلب من يحب ، وقلوب كل من يقرأ عن الحب الصادق فى زمن تناثرت فيه القيم كرماد تذروه ريح الواقع ، وهو فى كل الأحوال يجاهد عبر مركبة الشعر الوعرة ، ليصل الى شاطىء يعبّد فيه طريقه ، وليصنع له مكانة بين شعراء مجايليه ، وأحسب سلامة لغته ، وسلاستها وعمقها ، ستؤديان به الى عبور الجبال الجليدية ، لتنقشع سحابات الضباب ، فتشرق شمس قلبه الساطعة بالحب للعالم والكون والحياة . ان شاعرنا / خالد الحويطى أشبه بحطّاب يجمع أغصان الحب المتكسّرة ليعيد ترتيب شجرة الحب الخالدة ، وايقاد جذوتها بالدفء ، والنور ، والنار ، من أنحاء ذاته المشتعلة بالحمرة القانية ، فى صباح الشتاء الباسق . ان الثورة تصنع المستحيل من خلال ارادة صادقة وأحسب ان شاعرنا سيصنع فى دواوينه القادمة " ثورة خضراء " ، يزرع أرجاء نواصيها بأزهار الحب السامقة ،وياسمين الخلود الذى يمتد عبر صحارى وجبال السعودية ، ليعزف الناى على صوته الشعرى الرائع أجمل أبيات الشعر ، وأسمق معانى القيم الانسانية النبيلة التى تدعو الى : الحق ، والخير ، والجمال ، والعدل والحرية ، والحب الممتد الذى يسع العالم والوجود ، ويفتح للانسان مساحات ممتدة ليزعق فى بريّة العالم ، ويعزف كالمغنى على جبل الحب أعظم ألحان الحنان والدفء لقيس العربى ، ومحبوبته ليلى العامرية ، ذات الأصول الضاربة فى التراث والأصالة ، والتى تنزع الى استشراف أفق جديد عصرى للعالم الممتد الأركان . ان الشاعر / خالد الحويطى يعبّر بصدق وبساطة متناهية عن أعمق معنى فى الوجود ألا وهو " الحب " ، ونحن نقول له كما قال الحكيم المتصوف قديماً : بالحب قد عرفت نفسى ، وبالحب قد عرفت الله . ان السعودية لتزخر ببحيرات الشعر ، كما تنعم بالبركة والقداسة والروحانيات الاسلامية بوود كعبة الله التى تجمع القلوب على محبة الخالق ونبيه الكريم ، ونحن – هنا - أمام شاعرالحب الذى نراه كعابد فى صحراء نجد ، أو سهول الحجاز ن أو بين مرافىء جدة ، وجبال الطائف الشاهقة ، او بين طرقات تبوك ، ومزهريات الرياض وغيرها ، يرتاد الأماكن لينشر الحب كرسالة ينشر دعائمها بين أرجاء بلاده ، ثم ينشرها فى كل ربوع وأقطار الوطن العربى الفسيح . أهلا بشاعر الحب ، والمجتمع ، والوطن ، فى ديوانه الرائع " ثورة الياسمين " ومرحبا بهلال " الثورات العربية " التى تعيد للانسان العربى كرامته ، وتنشر العدل والحرية ، من المحيط الى الخليج وفى كل أرجاء الأمة العربية والاسلامية .
مقدمة ديوان ثورة الياسمين لخالد الحويطى وتأصيل فكرة الحب والانتماء